الاثنين، 21 ديسمبر 2015

أقراص و جثث كهوف دروبا ..هل هي مفتاح لتصديق وجود المخلوقات الفضائية !


هل هي دليل تركه الفضائيون ورائهم قبل آلاف السنين ..
أقراص (دروبا) الحجرية , استطاع العلماء فك بعض رموزها , و التي سردت لنا قصة تاريخية غريبة , لو تم إثباتها فستكون من أهم الاكتشافات التاريخية إن لم تكن أهمها على الإطلاق.
تبدأ القصة في العام 1938م , في ذلك العام , وفي جبال (بايان - كارا - أولا) على الحدود بين الصين و التبت , كانت البعثة الاستكشافية بقيادة البروفيسور (تشي بو تاي) من جامعة بكين تتوغل عبر الطرق الوعرة بين جبال الهملايا حيث عثروا على بعض الكهوف التي تبين لهم أنها كانت مسكونة منذ زمن بعيد , لكن هذه الآثار لم تكن آثارا عادية على الإطلاق !.
هياكل عظمية لأناس ذوي هيئة غريبة ..
كان أول ما لاحظوه هو أن الكهوف كانت محفورة بإتقان وكانت تشكل نظاما معقدا من القنوات و غرف التخزين , وجدرانها كانت مستقيمة إلى حد بعيد. بداخل الغرف كانت توجد بعض الآثار و أماكن مرتبة خصيصا للدفن وجدوا بداخلها هياكل عظمية لأناس ذوي هيئه غريبة , كانت الهياكل تشير إلى أن أطوالهم تزيد قليلا عن أربعة أقدام (122 سم) , وكانت العظام هشة و الجمجمة كبيره بشكل غير متناسق مع الجسم .
أحد أعضاء فريق الاستكشاف اقترح أنها تعود لنوع من القرود , غير إن هذا الاقتراح رفضه البروفيسور (تشي بو تاي) تماما , إذ إن أحدا لم يسمع من قبل عن قرود تدفن موتاها أو تقوم ببناء هذا النظام المعقد. كما أن مزيدا من الاكتشافات داخل الكهوف أضافت مزيدا من الصحة لفرضية البروفيسور.
وجدوا اقراصا حجرية مدفونة ..
وجد الفريق على جدران الكهوف نقوشا تصويرية للشمس و القمر و النجوم و الأرض , وكانت هناك خطوطا من النقاط تربط بينها. غير أن أهم اكتشاف على الإطلاق كان أقراصا حجرية وجدوها مدفونة في أرضية الكهف! .
كان القرص ذو قطر يبلغ 9 انشات (22.8 سم) و عمق يبلغ 0.75 انش (1.9 سم) , وفي الوسط تماما ثقب كامل الاستدارة يبلغ قطره 0.75 انش (1.9 سم) , ووجدوا على وجه القرص نقشا محفورا بدقه يظهر خارجا من الثقب في الوسط ليدور وينتهي عند إطار القرص.
تم العثور على 716 قرصا , كانت الأقراص تعود إلى 10.000 - 12.000 سنه مضت , أي أنها أقدم من الأهرامات في مصر , وكل قرص يحوي مجموعة من الأسرار ! حيث أن النقش على وجه كل قرص لم يكن أبدا نقشا عاديا , إنما أظهرت الأبحاث انه خط متواصل من الكتابة الهيروغليفية! .
كانت الكتابة صغيره جدا , أو حتى (ميكروسكوبيه) , في العام 1962 , استطاع عالم صيني آخر أن يفك شفرة الكتابة الموجودة على الأقراص , كانت تحوي معلومات غريبة جدا , لدرجة أن قسم ما قبل التاريخ في جامعة بكين منع نشرها ! .

ماذا تقول لنا أقراص دروبا الحجرية؟

لآلاف السنين استخدم الصينين اقراصا مماثلة تدعى بي تدفن مع موتاهم ..
في العام 1962م , كان الدكتور (تسوم أم نيو) يتحسس وجه أحد الأقراص و يتساءل عما يكون وماذا يخبئ , أخذ الدكتور يتذكر كيف تم اكتشاف هذه الأقراص عام 1938م , كانت هناك العديد من المحاولات لفك أسرارها وكانت جميعها فاشلة.
قام الدكتور بنسخ ما يراه على وجه القرص في ورقه , كانت الكتابة على القرص صغيره و صعبة القراءة اضطر معها الدكتور للاستعانة بعدسه مكبره, كانت المهمة صعبه جدا , فالأقراص مضى على وجودها 12000 سنه , كان الدكتور يتساءل عن ماهية الناس الذين صنعوها , من كانوا؟ كيف استطاعوا كتابة الرموز بهذا الخط الصغير جدا؟ وما الغرض أساسا من كتابة الرموز على مئات الأقراص؟.
هل هم قادمون من كواكب اخرى ..
عندما انتهى الدكتور من نسخ ما في الأقراص على ورق , بدأ في ترجمتها وفك أسرارها , كلمة كلمة , جملة جملة , وسطرا سطرا. حتى استطاع في النهاية فك الشفرة كاملة! .
كانت الشفرة مكتوبة من قبل أناس يدعون أنفسهم (دروبا) , ولكن ما كانوا يحكونه عبر الأقراص كان شيئا صعب التصديق , كانت الأقراص تحكي عن مركبة فضائية قادمة من كوكب بعيد هبطت متحطمة على الأرض قبل 12000 عام , من كانوا على متنها (الدروبا) وجدوا في كهوف الهملايا ملاذا آمنا لهم , ولكن , و على الرغم من أن الدروبا هم قوم مسالمون إلا أن قبيلة (هان) التي كانت تسكن في كهوف قريبه من كهوف الدروبا خافوا في البداية منهم و قتلوا بعضهم.
قوم الدوربا ..
وتستمر الأقراص في إخبارنا حكاية الدروبا حيث تذكر أنهم لم يستطيعوا إصلاح مركبتهم الفضائية وبالتالي لم يستطيعوا العودة إلى كوكبهم , فبقوا على كوكب الأرض!. ولكن, إن كان هذا صحيحا , فهل أحفادهم موجودون للآن؟.
في يومنا الحاضر , تسكن تلك المنطقة المعزولة قبيلتان تدعوان أنفسهما (هان) و (دروبا) , لكن العلماء لم يستطيعوا تصنيف هاتين القبيلتين , فهم ليسوا من قبائل الصين ولا من قبائل التبت. كلتا القبيلتين من الأقزام ذوي البشرة الصفراء والأجسام النحيلة ولهم رؤوس كبيره , أجسامهم تشبه الهياكل التي عثر عليها البروفيسور (تشي بو تاي) عام 1938م , ولهم عيون واسعة زرقاء شاحبة اللون لا تشبه العيون الأسيوية بأي حال من الأحوال.

خصائص غريبة

لها خصائص كهربائية ..
في العام 1968م قام العالم الروسي (سايتسو) بدراسة العناصر المكونة للأقراص الحجرية , حيث وجد أنها صخور جرانيتية تحتوي تركيزا عاليا من الكوبالت وبعض العناصر الأخرى مما يجعلها من أشد الصخور صلابة بحيث يصعب على القدرة البشرية العادية حفر مثل هذه النقوش عليها , خصوصا بحجم الخط الموجود على الأقراص! , كما وجد لها خصائص كهربائية حيث اعتقد انه من الممكن استخدامها كموصلات كهربيه!.

وفي يومنا الحاضر , مازالت أقراص دروبا تشكل لغزا محيرا للعلماء , هل قصة مجيئهم من كوكب آخر حقيقية؟ أم هي مجرد أسطورة؟ .. لا أحد يعلم حتى الآن . 

المصادر :

جريمة الغرفة المغلقة

قصة أول قاتل متسلسل في التاريخ الامريكي

جريمة القتل فعل خارج عن النظام الاجتماعي و الإنساني السوي و معظم الجرائم تثير الحيرة و القلق و الفزع من حيث الأسباب و الدوافع التي أدت إلى ارتكابها أو طريقة القتل التي مورست على الضحية, أو من ناحية أداة القتل المستخدمة. هناك جرائم ترتكب لأسباب و دوافع شخصية و هناك جرائم ترتكب بلا سبب إلا لمجرد القتل و هي التي يتم ارتكابها عادة بطريقة أكثر شناعة. إلا أن هناك جرائم مقلقة و مستفزة لا من حيث الأسباب المذكورة أنما من حيث الكيفية التي تمت بها زمنياً أو مكانياً عندما تشير كل الدلائل على استحالة حدوثها, تاركةً انطباعاَ بوجود كائنات أثيرية أو أشباحا شريرة يمكنها أن تقتل الإنسان العادي بأكثر الطرق شيوعاً.
وصل إلى نيويورك بحرا مع آلاف المهاجرين ..
عبر السيد آيسيدور فينك البالغ 30 عاما المحيط الأطلنطي مهاجراً من بولندا إلى أمريكا ليستقر في الجزء الشرقي من مدينة نيويورك في أواخر القرن التاسع عشر, و بعد أن استقر به المقام هناك أسس له عملاً صغير عبارة عن مغسلة ملابس (محل لغسل الملابس). كان أيسيدور رجلاً و حيداً لا عائلة له, لكن لم يكن لديه أية عداوات كذلك, و علاقاته مع جيرانه الذين يسكنون بمحاذاته كانت طيبة و ودية, كان يعمل يوميا على غسل الملابس و كيها ثم  توصيلها لأصحابها و العودة إلى مسكنه الصغير الملحق بالمغسلة, و هو طراز المساكن السائد لأصحاب الأعمال التجارية الصغيرة في ذلك الوقت.
في ليلة التاسع من مارس عام 1929 , انتهى آيسيدور من تسليم ملابس الزبائن كالمعتاد و عاد إلى مسكنه في الساعة العاشرة و الربع مساءً, و عند الساعة العاشرة و النصف وصل إلى مسامع جاره القريب منه السيد لوكلان سميث أصواتاً ضاجة لعراك و صراخ قادمة من مسكن آيسيدور, و على الفور استشعر بان هناك أمر خطير يحدث, انطلق لوكلان ليحضر الشرطة, و بالصدفة كان هناك رجل شرطة قريب جداً من المكان فقام لوكلان بإخباره فحضرا سوياً إلى الموقع . مضى وقت قصير جدا بين سماع الجار للأصوات و حضور الشرطي إلى مسكن السيد آيسيدور, ربما دقيقتان أو ثلاث فقط. 
كان يعمل في غسل الملابس ولم يكن له اعداء ..
استفسر الشرطي من الجار و اخذ أقواله حول ما سمعه, بعد ذلك طرق الباب و لما لم يجبه أحد قرر الدخول للمنزل, لكنه عندما حاول فتح الباب الأمامي وجد انه كان مقفلاً من الداخل, فذهب للباب الخلفي لكنه كذلك كان مقفلاً من الداخل, استطلع الشرطي جميع نوافذ المسكن و كانت جميعها مسمرة بالمسامير من الداخل و ذلك بالإضافة إلى كونها ذات فتحات صغيرة جداً لرجل بالغ ليعبر بالقوة من خلالها  لو حاول كسرها. قام الشرطي بكسر إحدى النوافذ ثم طلب من صبي صغير بأن يدخل من خلالها إلى المنزل ليفتح لهم الباب الأمامي
دخل الشرطي إلى المسكن و قام بتفحصه فإذا به يجد جثة آيسيدور ملقاة على الأرض و بها آثار ثلاث طلقات نارية اثنتان منهما كانتا في الصدر و الثالثة كانت في معصمه الأيسر حيث كان ذلك جلياً من أثار البارود على معصمه. حاول الشرطي أن يبحث عن أبواب سرية داخل المنزل و بحث خلال الجدران كلها ليرى إن كانت هناك منافذ خفية تؤدي إلى سرداب ينتهي بعيداً عن المنزل, لكنه لم يعثر على أي من ذلك. كان الانطباع الأول من رؤيتهم لمسرح الجريمة ولاستحالة إمكانية وجود شخص آخر في المكان أن الضحية أقدم على الانتحار بإطلاق النار على نفسه.
لكن أين المسدس؟.
لم يعثروا على المسدس ..
لم يكن هناك وجود لأية مسدس في مسرح الجريمة على الإطلاق, و عادةً عندما يقدم أحدهم على الانتحار بإطلاق النار على نفسه من مسدسه فمن المنطقي أن يكون المسدس ملقى على الأرض بالقرب منه أو أن يكون على الأقل ممسكاً به في يده, فكيف اختفى المسدس؟ من هذا يسهل تخمين أن هناك طرف آخر ارتكب الجريمة, ثم اختفى مع المسدس بطريقة غامضة و غريبة, و بذلك تبخر ذلك الانطباع الأولي الذي أشار إلى أن السيد آيسيدور فينك انتحر,  فهل سيقتل نفسه ثم يقوم بإخفاء المسدس و إغلاق الأبواب و النوافذ؟.
و لم يكن هناك أية مفقودات وجميع ممتلكات مسكن الضحية الثمينة مازالت موجودة , حتى المال الذي كان في جيوبه و في درج النقود لم يُسرق منه شيء,  مما أدى إلى استبعاد دافع السرقة. و كانت مكواة الغاز لا زالت تعمل و موضوعةً على لوح الكي, و لم تأخذ الوقت الكافي منذ أن تركها آيسيدور من يده لتحرق القماش تحتها و هذا يعني أن الشرطي حضر لمسرح الجريمة بعد وقت قصير جداً من ارتكابها.
قال زبائن فينك آيسيدور, أنه خلال السنة الماضية كان يتصرف بغرابة نوعاً ما جعلتهم يشعرون بعدم الراحة لأنه لم يسمح لأي أحد بالدخول إلا لأولئك الذين كان يعرفهم و أنهم عندما يدخلون إلى المغسلة كان يصر على إقفال الأبواب, و أكدوا  أنه لم يكن للسيد آيسيدور أية أعداء إلا أنه كان مرعوباً من قيام أحدهم بسرقة متجره, و هو خوف مبرر في ذلك الحي.
جميع الابواب مقفلة من الداخل ..
لم يكن هناك أية بصمات في مسرح الجريمة إلا بصمات السيد آيسيدور فقط, و إن كان هناك قاتل كما أشارت المعطيات فكيف دخل و كيف خرج؟ فإنه يستحيل أن يكون هناك شخص ما يغادر المسكن ثم يقوم و هو في الخارج بإغلاق الأبواب و النوافذ من الداخل. بالإضافة إلى أن الشرطي حضر إلى مسكن آيسيدور في وقت قياسي, و لم يصادف أثناء عبوره للشارع و هو قادم إلى المسكن أي رجل آتٍ من هناك.
كان موت فينك آيسيدور فريداً و غريباً لسبب غير مفهوم حتى أن المنظرين الأكثر وحشية اعترفوا بالهزيمة أمام حبكته. لم تستطع السلطات التفكير بحل لهذا اللغز إلا أنهم خمنوا أن القاتل كان لاعب سيرك أو جمباز ذا مرونة عالية قام بزيارة مفاجئة واستطاع من دون أن يجذب الانتباه، أن يزحف من خلال النافذة العلوية ذات الممر الضيق، ثم أطلق النار على فينك من بعيد، وهرب من خلال نفس النافذة، محتقراَ ببساطة الطريقة الأكثر شيوعاً و هي القدوم من خلال الباب الأمامي.
ما الذي حدث في تلك الحجرة الغامضة .. مازال ذلك لغزا ..
لكن حسب أقوال الشاهد الأول و هو جار آيسيدور انه سمع أصوات صراخ و عراك قبل أن يستدعي الشرطة, معنى ذلك أن القاتل كان في المنزل و تعارك مع فينك قبل أن يرديه قتيلاً, ثم إن آثار البارود على معصم فينك يدل على أن إطلاق النار كان من مسافة قريبة جداً بشكل يوضح أن القاتل كان يقف أمامه. و هذا كله يستبعد فكرة أن القاتل أطلق النار من النافذة العلوية ثم زحف عائداً للخارج.
هذه الجريمة أثارت التساؤلات منذ وقوعها إلى هذا اليوم فما زال الكثير من رجال الشرطة يدرسون ملف الجريمة ليحاولوا استنتاج الكيفية التي حدثت بها. فهل رتب القاتل مسرح الجريمة و اقفل الأبواب و النوافذ أثناء خروجه؟ و إن كان فعل ذلك فكيف أمكنه أن يقفلها من الداخل بينما هو في الخارج؟ و كيف استطاع القيام بذلك في وقت قصير ما بين سماع أصوات الصراخ و حضور الشرطي إلى المكان حتى أن المكواة لم تستغرق وقتاً لحرق القماش الذي كانت موضوعة عليه؟ أم أنه خرج من باب خفي أو من ممر غير معروف أو بطريقة غير معروفة, حيث لم يشاهده أي أحد و هو خارج, بينما ظلت الأقفال على الأبواب من دون تحريك؟.
لكن يبقى السؤال الذي دار في أذهان الجميع ممن أطلعوا على هذه القصة هو: هل كان القاتل الذي ارتكب هذه الجريمة شبحاً ؟ ربما فلا أحد يستطيع أن يدحض هذه الفكرة لمجرد أنه لا يستطيع إثباتها.

المصادر :


أين اختفى العمالقة ؟


هيكل عظمي مزعوم لعملاق عثر عليه في رومانيا ..
يا طالما سحرتني قصص العمالقة , الغول العملاق في جاك وحبة الفاصوليا , مارد القمقم الجبار في حكايات ألف ليلة وليلة , العمالقة الحديدية في أفلام الخيال العلمي ... إنها كائنات جبارة تبعث في النفس مزيجا من القوة والغرور والغموض , فهذه الأجساد الفارعة تكتنف حتما على قوة هائلة , ومن لا يعشق أن يكون قويا ؟ .. والقوة تتسم غالبا بالغرور , وهو غرور مقبول , فحين تكون بطول مبنى من ثلاث طوابق فأنت شئت أم أبيت مجبر على أن تنظر بتعالي إلى أولئك الصغار الذين يسعون تحت قدميك . هذا الغرور المدجج بالقوة الجبارة هو أيضا مبعث الغموض الذي يكتنف هذه العمالقة , إذ كيف بلغت ما بلغت من الضخامة والطول ؟ .. كيف ظهرت للوجود وكيف تعيش ؟ .. والسؤال الأهم هو لماذا اختفت ؟ .. وهل كان لها وجود أصلا أم أنها لم توجد أبدا سوى في عالم الخرافات والأساطير .

هل نعلم كل شيء ؟

نعلم بوجود الديناصورات من خلال عظامها ..
بالطبع لو سألت عالما ماديا متخصصا بالتاريخ أو علم الأحياء عن الغول العملاق القابع فوق شجرة الفاصوليا الهائلة التي نبتت في حديقة جاك لضحك ملء شدقيه وأجابك بثقة : "لا وجود للعمالقة " .
لكن كيف ؟ .. وماذا عن كل ذلك التراث الشعبي والديني عنهم , كيف لا يكون لهم وجود ؟ .. ستسأل حتما , وسيجيبك قائلا : "طيب لو كان لهم وجود فأين هي بقاياهم ؟ .. آثارهم .. مدنهم .. نحن نعلم بأن الديناصورات هي كائنات عملاقة عاشت على الأرض فعلا قبل ملايين السنين لأن لدينا الآلاف من القطع والهياكل العظمية المتحجرة التي تدل على وجودها , في حين لم نعثر على هيكل عظمي واحد يعود لعملاق " .
كلام علمي سليم , لكن دعنا نسأل ببراءة : هل العلماء يعرفون كل شيء ؟ ..
هم يخبروننا بأن الإنسان الحديث ظهر للوجود وأستعمر هذه الأرض قبل مائتي ألف عام , لكن ما الذي نعرفه عن هذه الآلاف المتمادية من السنين ؟ .. لا شيء تقريبا ! .. جل معرفتنا بالتاريخ البشري تكاد تنحصر في الخمسة آلاف عام الأخيرة , ولنكن أكثر تحديدا , منذ أن تعلم الإنسان الكتابة وترك لنا سجلات عن حياته وعقائده وملوكه وحروبه ومدنه . فالكتابة هي معيار المعرفة , ولهذا السبب فأن العلماء يعرفون الكثير عن جوانب الحياة القديمة في واديي النيل والرافدين لأن الشعوب التي أسست تلكما الحضارتين تركت لنا ملايين لفائف البردي الهيروغليفية وألواح الطين المسمارية إلى درجة أن الكثير منها لازال قابعا في مخازن المتاحف العالمية بانتظار من يفك رموزه ويقرأه . لكن ما الذي نعلمه بالمقابل عن تاريخ بريطانيا قبل الغزو الروماني لها عام 43 ميلادية ؟ ..
لا شيء تقريبا ..
معقول ! .. بريطانيا العظمى , الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس .. تاريخها القديم مجهول ؟ ..
من الذي بنى ستونهنج .. ولماذا ؟ ..
نعم هذا صحيح , والسبب ببساطة هو أن البريطانيون القدماء لم يكونوا مولعين بالكتابة والقراءة ولم يعرفونها أصلا , كانوا أقوما من البرابرة , لم يتركوا لنا أية معلومات عن أنفسهم , ولهذا السبب يقف العلماء اليوم فاغري الأفواه أمام صرح تاريخي عظيم مثل ستونهنج من دون أن يعلموا شيئا عن هوية بنائيه ولماذا تم بناءه أصلا . كل ما لديهم هي روايات تاريخية متضاربة تركها مؤرخو العصور الوسطى ويأبى العلماء تصديقها , من قبيل أن الساحر الشهير مرلين جلب قوما من العمالقة كانوا يسكنون أيرلندا في غابر الزمان وأستخدمهم في نقل الصخور الهائلة وتشييد هذا الصرح المهيب .
أسطورة يصعب تصديقها , أليس كذلك ؟ .. لكن إذا كانت هذه مجرد أساطير فكيف نفسر بناء صروح عظيمة مثل ستونهنج والأهرامات بواسطة عتلات ورافعات خشبية متهالكة وبسيطة ؟ .. ألا يبدو ذلك مستحيلا ؟ .
قطعة واحدة من الحجر .. كيف حركوها ؟ ..
في بعلبك اللبنانية هناك صخرة عظيمة منحوتة من الحجر تدعى (صخرة المرأة الحامل) , هذه الصخرة قطعت من مقالع الحجر في جنوب المدينة وصقلت جوانبها بعناية , يبلغ طولها 21 مترا في حين يقدر وزناها بحوالي 1500 طن . إنها صخرة عملاقة بكل معنى الكلمة , لكن حجمها هو ليس مدعاة الغموض الوحيد فيها , فالعلماء لا يعلمون من قام بقطعها وكيف أستطاع تحريكها ونقلها , المفروض أنها هيئت لتكون جزءا من المعابد الفاخرة التي شيدها الرومان في أرجاء المدينة , لكن العلماء اليوم يعتقدون بأن عمرها يعود إلى حقبة أقدم من عهد الرومان , ربما في زمن الاسكندر المقدوني , والمشكلة هنا أنهم لا يعلمون من كان يقطن المدينة آنذاك , ذلك أن بعلبك برزت واشتهرت بعد الاسكندر حيث عرفت بأسم هليوبوليس , أي مدينة الشمس , أما قبل ذلك فيحيط الغموض تاريخها , لكن المعروف بأن المنطقة كانت قديما موطنا للفينيقيين والكنعانيين , ودليل ذلك أن أسمها هو من أصل سامي (بعل = الرب أو السيد) , وبالتالي فليس من المستبعد أن يكون أصحاب الصخرة هم من الكنعانيين , والكتاب المقدس يخبرنا بأن بعضا من أولئك الكنعانيين كانوا عمالقة , مما يتركنا أمام فرضيتين , أما أن من قطعوا الصخرة وحركوها كانوا يمتلكون معدات ورافعات متطورة شبيهة بالتي نملكها اليوم , وذلك لا يستقيم مع أزاميل النحاس وعتلات الخشب التي أمتلكها القدماء , وأما أن من قطعوا الصخرة وحركوها كانوا يمتلكون قوة بدنية هائلة , بعبارة أدق كانوا عمالقة , ولهذا لم يجدوا صعوبة كبيرة في زحزحة ورفع هذه الصخرة الهائلة .
قد يقول قائل بأن هذا الكلام هو محض هراء .. مجرد أساطير الأولين ..
ربما ..
بقايا طروادة في تركيا الحالية ..
لكن ألم تكن طروادة مجرد أسطورة سردها علينا هوميروس في أشعاره التي سطرها في ملحمته الشهيرة الإلياذة , وكان العلماء يقابلون القول بواقعية المدينة بابتسامة ساخرة , حتى ظهر لنا فجأة تاجر ألماني مولع بالآثار يدعى هاينريش شليمان , ذهب برفقة زوجته إلى تركيا وأستخرج لنا بقايا مدينة طروادة من تحت التراب عام 1870 مسترشدا بأشعار الالياذة التي عدها الجميع لقرون متمادية مجرد خرافة ! .
وألم تكن قصص مدن الأنكا الضائعة خرافة أيضا , حتى زار مستكشف أمريكي مغمور يدعى هيرام بنغهام جبال الأنديز في بيرو عام 1911 , هناك أرشده طفل من أحفاد الأنكا , في الحادية عشر من عمره , إلى أطلال مدينة عظيمة قابعة فوق السحاب , ماشو بيشو , المدينة المقدسة الضائعة التي صعق العلماء باكتشافها , لقد كانوا يسخرون من وجودها ويعتبرون الكلام عنها مجرد خرافة , فيما كانت هي لأربعة قرون تشمخ بصروحها الحجرية العظيمة فوق الجبل وتسخر من جهلهم وغرورهم .
أن هذه الأمثلة البسيطة توضح لنا بجلاء أن العلماء لا يعلمون كل شيء , وأن تاريخ البشر يغص بالفجوات الداكنة والحلقات المفقودة , الفراعنة مثلا تركوا لنا سجلا حافلا عن كل شيء , آلهتهم , كهنتهم , حياتهم , طقوسهم , مواسم حصادهم , فيضانات نيلهم , ضرائبهم , حروبهم .. ذكروا لنا حتى أسم الماشطة التي كانت تمشط شعر الملكة ! , لكنهم تغافلوا أو تعمدوا عدم التطرق لأهم وأعظم منجزاتهم .. الأهرامات .
كيف بنوا الهرم ؟ ..
صحيح أن هناك سجلات للعمال الذين ساهموا في تشييد الأهرامات , وكذلك تم اكتشاف مساكن تعود للعمال والمهندسين القدماء في الجيزة , لكن المحير هو أن الفراعنة لم يخبرونا أبدا كيف بنو الأهرامات , لا يوجد نقش أو رسم يصور العمال وهم يشيدون الهرم ويضعون الصخور الواحدة فوق الأخرى . ألا يبدو ذلك غريبا , خصوصا حين نعلم بأن المصريين القدماء كانوا مولعين بنقش وكتابة كل شيء عن تفاصيل حضارتهم , فكيف نسوا أن يحدثونا عن أهم حدث في تاريخ المملكة القديمة ! .. ولماذا تركونا نتساءل بدهشة عن كيفية رفع هذه الصخور العظيمة إلى ارتفاعات شاهقة من دون رافعات حديثة ؟ .. ونحن هنا نتحدث عن مبنى بارتفاع يناهز المائة والأربعين مترا , أي ناطحة سحاب بارتفاع ثمان وخمسون طابقا , وعن صخور يصل معدل وزنها إلى ثلاثة أطنان , ناهيك عن أخرى , كتلك التي تغطي حجرة الملك , يصل وزنها إلى ما بين 70 – 80 طنا , فكيف رفعوها إلى هناك بواسطة حبال من القنب والكتان وبكرات من الخشب !! .
هل كان لدى المهندسون الفراعنة وسائل وأدوات وآلات نجهلها نحن اليوم , ماذا لو كانوا قد استخدموا قوما من العمالقة لحمل الصخور ووضعها في مكانها المناسب ؟ .. ألا يبدو ذلك تفسيرا منطقيا ؟! .. أم أنه هو أيضا .. مجرد هراء .

عمالقة العصور القديمة

كانت قارة عظيمة وسط المحيط الاطلسي ..
الإغريق تركوا لنا أساطير كثيرة , واحدة منها جاءت على لسان الفيلسوف الشهير أفلاطون , تحدث فيها عن جزيرة عظيمة ذات سهول واسعة وجبال شاهقة تقبع في وسط المحيط الأطلسي , أهلها ذوو بأس وحكمة , أمتد سلطانهم إلى أقاصي الأرض الأربعة , لكن الآلهة سخطت على هذه الجزيرة لسبب ما فأرسلتها بمن عليها إلى قاع المحيط ولم ينجو سوى قليل من أهلها .
قصة القارة المفقودة لم تكن من وحي خيال أفلاطون , فهو سمعها نقلا عن كهنة مصر القدماء , أولئك الفلاسفة والسحرة العظام الذين حدثوا الناس بما كان وسيكون . قالوا بأن شعب الجزيرة كان من العمالقة , يصل طول الواحد منهم إلى ضعف قامة الإنسان العادي وأنهم تفرقوا في الأرض بعد غرق قارتهم فأصبحوا ملوكا وآلهة وعلموا الناس الكتابة والمعمار وأرسوا أسس الحضارة . ولعل هذا يفسر لنا كيف ظهرت الحضارة فجأة في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد بعد أكثر من مائتي ألف عام من حياة الكهف والبربرية والظلام .
فجأة ظهرت الكتابة ..
فجأة خلال خمسة آلاف عام فقط تطور الإنسان وصولا إلى مرحلة إرسال مركبات فضائية للقمر والمريخ , بينما لم يتطور قيد أنملة خلال مائتي ألف عام !!! . أليس ذلك محيرا , أليس مدعاة للظن بأن شيئا عظيما حدث قبل خمسة آلاف عام نقل الإنسان من مرحلة الكهف إلى مرحلة الحضارة , نقلة نوعية غيرت كل شيء إلى الأبد , لكنها لم تحدث من تلقاء نفسها , بل تمت على يد معلمين عظماء نقلوا الحكمة إلى البشر وأخذوا بيدهم نحو دروب العلم والحضارة , وعرفانا بالجميل , قام البشر برسم أولئك الأساتذة الحكماء على جدران قصورهم ومعابدهم , صوروهم كملوك وآلهة , وبينوا لنا بجلاء بأنهم ليسوا كالبشر , فهم أطول قامة وأضخم جثة بكثير .. أنهم عمالقة القارة المفقودة الذين تركوا أثارهم في كل جزء من أجزاء المعمورة ..
ومرة أخرى قد يقول البعض – وأنا منهم – أن هذا الكلام مجرد هراء .. لكن إذا كان كذلك , فبماذا نفسر هذا التراث المشترك عن العمالقة لدى جميع أمم الأرض ؟ ..
في اليابان لديهم الـ أوني ..
في الهند لديهم الـ دايتي ..
في الدول الاسكندنافية لديهم الـ يوتون ..
في الباسك لديهم الـ جنتل ..
في الفلبين لديهم الـ كابري ..
في إيرلندا لديهم الـ فوموير ..
في اليونان لديهم الـ تيتان ..
جالوت وجيشه يسخرون من النبي داود ..
وهناك أسماء كثيرة أخرى عفونا عن ذكرها خشية التطويل . خلاصة القول هو أن العمالقة موجودين في فلكلور وتراث جميع الشعوب . ولا تخلو الكتب الدينية أيضا من ذكرهم , فالعهد القديم من الكتاب المقدس يخبرنا عن الـ نفيلم , وهم أقوام من العمالقة عاشوا على الأرض قبل طوفان نوح . وهناك أيضا الكنعانيين , قيل أنهم عمالقة , أو ربما بعض قبائلهم , ولعل الملك جالوت هو أشهر عمالقة الكنعانيين , كان ضخم الجثة يتراوح طوله بين المترين والثلاثة . وقد قتله النبي داود بعد أن رماه بحجر من مقلاعه , والقصة مشهورة معروفة .
وقد كتب المؤرخ اليهودي فلافيوس جوزيفيوس في القرن الأول الميلادي قائلا بأن الأموريين كانوا من العمالقة , والأموريون هم أقوام سامية استوطنت شمال الجزيرة العربية منذ الألف الثالث قبل الميلاد واختلط الكنعانيين معهم لاحقا . ويقول فلافيوس أن الناس في زمانه كانوا يعثرون على هياكل عظمية عملاقة تعود لهذا الشعب الجبار المنقرض الذي يصفه كالآتي :
"كانت أجسادهم كبيرة جدا , وملامحهم تختلف تماما عن غيرهم من الناس , كانت رؤيتهم تثير العجب , وأصواتهم تثير الفزع . ما زالت عظام أولئك العمالقة تظهر في أيامنا هذه " .
النصوص العربية القديمة تخبرنا أيضا أن الكنعانيين كانوا عمالقة , وتنسبهم لقبيلة أو شعب قديم يدعى العماليق , من العرب البائدة , انقرضوا عن بكرة أبيهم نتيجة اختلاطهم بغيرهم من القبائل والشعوب , وقيل أن البعض منهم كانوا يسكنون يثرب , وأن عدة نفر منهم كانوا ما يزالون على قيد الحياة عند البعثة النبوية , وكانوا يوصفون بالقامة الفارعة الطويلة .
صورة مزعومة لعمالقة عاد ..
والعرب البائدة هم أقوام وشعوب سكنوا الجزيرة العربية في غابر الزمان , ومعلوم من أسمهم أنهم انقرضوا ولم يبقى لهم عقب , أما لهجرتهم لأماكن أخرى أو لكارثة حلت بهم أو لاختلاطهم وذوبانهم مع القبائل الأخرى .
وأشهر الشعوب البائدة هي : ثمود وعاد وجديس وطسم وجرهم وأميم وعبيل .
وقد ورد ذكر عاد وثمود في القرآن الكريم في أكثر من موضع . في سورة الأعراف يخاطب النبي هود قومه من عاد قائلا :
"وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ -69-" .
وبحسب معظم كتب التفسير فأن البسطة في الخلق معناها زيادة في الأجسام والطول , ولهذا قيل أن عاد كانوا من العمالقة , وكانوا ذوو بأس شديد , شيدوا الصروح العظيمة التي ليس لها مثيل , وورد ذكر ذلك في سورة الفجر :
"أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ -6- إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ -7- الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ -8-".
صورة مزعومة لقوم من العمالقة في مصر ..
وكانت مساكن عاد في جنوب الجزيرة العربية , في منطقة ما بين اليمن وسلطنة عمان , ربما شمال حضرموت , وكانوا في غنى وثراء فاحش نتيجة تحكمهم بتجارة اللبان والصمغ العربي , كانوا يصدرون بضائعهم إلى الشام و مصر عبر طرق تجارية تمر بصحراء الربع الخالي , ولهم عدة مدن كبيرة أشهرها عبار , التي عرفت أيضا بـ ارم ذات العماد , أي ذات الألف عمود , و قد ورد ذكرها في الكتابات اليمنية القديمة وبعض المصادر الإغريقية مما يؤكد صحة وجودها , لكنها مدينة ضائعة لم يعثر عليها المنقبون أبدا , يقال أنها تقبع تحت ملايين الأطنان من رمال صحراء الربع الخالي .
أما ثمود فقد استوطنوا شمال الجزيرة العربية , تحديدا في منطقة مدائن صالح في محافظة العلا بالمملكة العربية السعودية , وآثارهم المنحوتة في الحجر مازالت ماثلة للعيان حتى يومنا هذا وتدل على ثرائهم وعظمة ملكهم . وقد ورد ذكرهم في العديد من المصادر التاريخية القديمة , الأشورية والإغريقية . وتذهب بعض المصادر العربية القديمة إلى أن قوم ثمود كانوا من العمالقة أيضا .
جدير بالذكر أن قولنا بأن فلان أمة أو قبيلة هي من العمالقة لا يعني بالضرورة أنهم كانوا يناطحون السحاب بقامتهم كما في أسطورة عوج بن عنق الشهيرة , الذي قيل بأنه نجا من طوفان نوح ولم يبلغ الماء ركبته , وأنه كان يحتجز السحاب في السماء فيشرب منه , ويأخذ الحوت من البحر فيرفعه بيده إلى الشمس فيشويه ويأكله ! . وإنما المقصود بالعمالقة هو أنهم كانوا أطول وأضخم من غيرهم من البشر بشكل واضح لا يقبل اللبس , والأرجح برأيي هو أن طولهم كان يتراوح بين المترين والثلاثة أمتار , وأن الأمر كان متوارث بينهم جينيا , أي كانوا يتشاطرون جينات خاصة تؤدي للعملقة , وهي حالة موجودة حتى في أيامنا هذه وسنأتي على ذكرها لاحقا .
أمثلة على كيفية تزييف الصور والتلاعب بها لتبدو وكأنها بقايا عملاق ..

لماذا لم نعثر على عظام عملاق ؟!

طيب إذا كان العملاقة موجودين بهذه الكثرة في العصور القديمة , فلماذا لم نجد أي بقايا عظمية تدل عليهم ؟ .. سؤال يطرح نفسه بقوة .
والجواب يمكن تلخيصه بشقين , الأول هو من قال بأننا لم نعثر على بقايا عظيمة ؟ .. والثاني هو نظرية المؤامرة .
ودعونا نتعرف على الشق الأول , فمن حين لآخر تطالعنا مواقع الكترونية على الانترنت بأخبار وصور تزعم بأن المنقبين عثروا على هياكل عظمية تعود لبشر عمالقة , ومن المعلوم بالدليل أن أغلب تلك الصور مزيفة , تم تركيبها ودمجها بحرفية عالية بواسطة برامج تعديل الصور مثل الفوتوشوب وغيره . لكن من بين مئات القصص والصور المزيفة التي تتحدث عن اكتشاف هياكل عملاقة هناك قصتين أو ثلاثة تتسم بالواقعية وتستحق أن نتوقف عندها وسأوردها لكم بالتفصيل لأهميتها في فهم الشق الثاني من الجواب .
القصة الأولى من فرنسا ..
العظام التي عثر عليها في كاستيلنو ..
في شتاء عام 1890 كان البروفيسور جورج دي لابوج ينقب في مقبرة قديمة تعود للعهد البرونزي بمنطقة كاستيلنو في جنوب فرنسا . تربة المقبرة كانت تضم عدة طبقات مما يدل على أن المنطقة مسكونة بالبشر منذ أمد بعيد . وفي قاع تلك الطبقات , في تربة تعود للعصر الحجري المتأخر , عثر البروفيسور على شيء أثار حيرته وذهوله . لقد استخرج من باطن الأرض ثلاثة عظام , كان واضحا أنها تعود لشخص واحد , وهي عبارة عن أجزاء من عظمة الساق والفخذ والعضد , وكانت من الضخامة بمكان بحيث يصعب تصور أنها تعود لإنسان بحجم طبيعي .
بعد دراسة متأنية توصل البروفيسور دي لابوج إلى أن صاحب هذه العظام كان ضخما وطويلا بصورة لا تصدق , يصل طول قامته إلى ثلاثة أمتار ونصف , ويزن مئات الكيلوغرامات .
للتأكد تم عرض العظام على عدد من الأساتذة في مجال الطب وعلم الإنسان وجميعهم توصلوا إلى استنتاج مشابه لذلك الذي توصل إليه البروفيسور دي لابوج , أكدوا أنها عظام حقيقية تعود لإنسان عملاق . وقد كتبت مجلة الطبيعة الفرنسية بحثا كاملا عن تلك العظام في أحد أعدادها الصادرة آنذاك ونشرت صورها . وفي عام 1894 تم إرسال العظام إلى جامعة باريس من اجل دراسة مستفيضة عنها , وهنا حدث شيء محير , إذ اختفت العظام ولم يرها أحد بعد ذلك ! .
قضية عملاق دي كاستيلنو تعد واحدة من القضايا النادرة التي يمكن القبول بمصداقيتها نظرا لأن جميع من تعاملوا معها كانوا أناس أكاديميون وعلماء مرموقون . لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل كانت هذه العظام تعود لحالة فردية نتيجة خلل جيني أم أنها تعود لقبيلة أو جنس من البشر العمالقة سكنوا فرنسا في تلك الحقبة السحيقة .
البروفيسور دي لابوج كتب لاحقا بأنه عثر في نفس الطبقة على قحف صبي عملاق , وقدر أن يكون طول الصبي يتجاوز المتران ! . وبعد ذلك بعدة أشهر , في منطقة تبعد حوالي ثلاثة أميال إلى الغرب من مقبرة دي كاستيلنو عثر المنقبون على جمجمة عملاقة تعود لإنسان قدر العلماء طوله بحوالي 4 أمتار .
ومرة أخرى قاموا بإرسال القحف والجمجمة إلى جامعة باريس .. ومن جديد ضاع أثرها !.
قصتنا الثانية من أمريكا ..
كهف لوفلوك في نيفادا ..
في الغرب المتوحش الأمريكي توجد منطقة جافة تعرف بأسم الحوض العظيم , هناك عاش هنود البايوت لآلاف السنين وتدالوا حكاية قديمة عن قبيلة منقرضة كانت تنافسهم السيطرة على المنطقة في غابر الأزمان , تلك القبيلة كانت تدعى "سي تي كا" , وكان أفرادها يعيشون في كهف كبير , كانوا من العمالقة , أجسامهم ضخمة وقامتهم فارعة , ويتميزون بشعر أحمر ناري .
أكثر ما يخيف في رجال تلك القبيلة هو أنهم كانوا من أكلة لحوم البشر , لم يكونوا يتوانون عن التهام أي هندي من هنود البايوت يقع في أيديهم , وكانت الحرب سجال بين الطرفين حتى قرر البايوت أن يضعوا حدا لهذا العدو الغاشم الجبار , فتحالفوا مع غيرهم من القبائل وخاضوا معركة فاصلة مع العمالقة كانت الغلبة فيها للكثرة والعدد على حساب القوة والضخامة , ولم ينجو من تلك المعركة الدامية سوى أفراد قليلين من العمالقة انسحبوا إلى كهفهم واختبئوا هناك , لكن البايوت وحلفائهم لم يتركوهم , كانوا قد عقدوا العزم على استئصال عدوهم بشكل كامل , فلحقوا بالعمالقة إلى كهفهم المظلم وصرخوا فيهم طالبين منهم الخروج , لكن العمالقة رفضوا الخروج وتحصنوا بكهفهم , فقام البايوت بجمع الحطب ووضعوه عند مدخل الكهف وأضرموا فيه النار فأنتشر الدخان سريعا إلى داخل الكهف . حاول بعض العمالقة النجاة من الموت اختناقا فخرجوا من الكهف لتتلقاهم سهام البايوت القاتلة , أما الباقين ففضلوا أن يختنقوا بالدخان حتى الموت على مواجهة السهام الفتاكة . وهكذا قضي على جميع أفراد قبيلة العمالقة .. وإلى الأبد .
كانوا عمالقة بشعر أحمر ..
ولقرون طويلة لم تكن حكاية العمالقة آكلي لحوم البشر سوى قصة مرعبة يستمتع الناس بسردها , لكن هنود البايوت كان يصرون على كونها حقيقية . وفي كتاب عن تاريخ القبيلة زعمت ابنة أحد زعماء البايوت بأن لديها خصلة شعر حمراء تعود لأحد أولئك الأعداء العمالقة , قالت بأنهم يتوارثونها أبا عن جد كدليل على حقيقة انتصارهم التاريخي على أعدائهم العمالقة .
كهف العمالقة مازال موجودا حتى يومنا هذا , يعرف بأسم كهف لوفلوك في نيفادا , يقول العلماء أنه كان مسكونا بالبشر منذ العصر الحجري وحتى ألف عام مضت , بعد ذلك ظل الكهف مهجورا لا يدخله سوى أسراب الخفافيش التي اتخذت من سقفه مسكنا لها , وعلى مدى قرون تراكم براز هذه الخفافيش حتى غطى أرضية الكهف وأرتفع لعدة أمتار .
وفي عام 1911 قررت إحدى شركات السماد الاستفادة من براز الخفافيش في الكهف , فالمعروف أن براز الخفافيش هو من أفضل أنواع الأسمدة , لذلك تم استئجار رجلين لجمع البراز من الكهف ومن ثم إرساله إلى مصنع الشركة . ولعدة أشهر جمع الرجلان مئات الأطنان من البراز , ومع كل طن يخرج كانا يقتربان أكثر من قاع الكهف , وفي أحد الأيام بينما كانا يعملان عثرا على جثة مدفونة تحت البراز , ثم عثروا على جثة ثانية وثالثة ورابعة ... المذهل أن هذه الجثث كانت بأحجام عملاقة وذات شعر أحمر . أي نفس أوصاف البايوت لأعدائهم العمالقة .
لسوء الحظ لم يكن الرجلان مهتمان كثيرا بالجثث , كانا يريدان العثور على أشياء ثمينة , لذلك تم رمي الجثث بعيدا بدون اعتناء فتفسخت وضاعت , لكن أنباء الاكتشاف انتشرت سريعا , وفي عام 1912 أرسل متحف الانتروبولجي (علم الإنسان) في جامعة كاليفورنيا أحد موظفيه لينقذ ما يستطيع إنقاذه من البقايا والجثث التي تم العثور عليها في الكهف , لكن عمل هذا الموظف كان رديئا جدا ولم يستطع إنقاذ أي شيء .
صور الجماجم التي كانت معروضة في المتحف ..
بعد سنوات أرسلت بعثة أخرى , وتلتها بعثات , وتم الكشف عن آلاف القطع القديمة التي يعود بعضها إلى 2000 عام قبل الميلاد , ومن بين ما عثر عليه هو جماجم عملاقة أرسلت إلى متحف هومبولت في بلدة ينيموكا في نيفادا حيث وضعت في قبو المتحف وكانت تعرض بشكل محدود لبعض الزوار فقط . صور هذه الجماجم موجودة على النت , ويقول البعض بأن حجمها دليل على أن أصحابها كانوا بطول ثلاثة أمتار وأكثر . في حين أن المتحف وفي صفحته الرسمية على الانترنت – تجدها ضمن المصادر – يقول بأن حجم الجماجم طبيعي لكنها ذات سمات تتصف بالقوة والصلابة .
وبغض النظر عما يقوله المتحف , فمع ازدياد الاهتمام بهذه الجماجم مؤخرا اتخذت إدارة المتحف خطوة مريبة ومحيرة حيث قامت برفع الجماجم من العرض ومنعت رؤيتها تماما . الإشاعات تقول بأن رفع الجماجم من العرض سبقه قدوم رجال غامضين يستقلون سيارات سوداء مظللة , كان من الواضح أنهم أشخاص مهمين ذوو نفوذ , ويقال بأنهم ضغطوا على أدارة المتحف لكي ترفع الجماجم من العرض , وهناك من يزعم أنهم اجبروا المتحف على تدمير الجماجم . أما أدارة المتحف فتقول عبر صفحتها الرسمية الموجودة على الانترنت بأنها حجبت الجماجم بناء على طلب من جمعيات السكان الأصليين (الهنود الحمر) التي اعتبرت أن عرض الجماجم هو بمثابة تدنيس لحرمة أجدادهم .

نظرية المؤامرة

يتم العثور على الكثير من الادلة لكنها تتعرض للتخريب وتختفي ..
أن ضياع الأدلة واختفاءها في القصص التي ذكرناها آنفا دفع البعض لطرح نظرية المؤامرة . وبحسب أصحاب هذه النظرية فأن هناك أدلة تاريخية كثيرة ومؤكدة تثبت وجود جنس من العمالقة عاشوا على الأرض في حقب تاريخية مختلفة . وأن العلماء يكتشفون كل عام المزيد من هذه الأدلة حول العالم . لكن بالمقابل هناك جهات وجمعيات ومنظمات سرية ذات نفوذ كبير تسعى للتكتم والتستر على هذه الاكتشافات بكل وسيلة متاحة لديها , وبعض هذه الوسائل قد تصل إلى اغتيال العلماء وتدمير مكتشفاتهم الأثرية , وفي حال فشلوا في ذلك , أي في تكميم أفواه العلماء وتدمير الآثار فأنهم عوضا عن ذلك يبدءون بشن حملة شرسة للتشكيك في مصداقية تلك الاكتشافات والترويج لكونها مزيفة .
طيب لماذا يفعلون ذلك ؟ .. ما الغرض ؟ ..
بحسب أصحاب نظرية المؤامرة فأن تلك الجهات والمنظمات ذات النفوذ عملت لقرون على تزوير التاريخ وإخفاء الحقائق عن الناس من اجل أن تتمكن من نشر أفكارها وأجندتها وتنفيذ مخططاتها , خصوصا فيما يتعلق بالأمور الروحية والعقائدية , فقد دأبوا على تشكيك الناس بمعتقداتهم ودفعهم لقبول الرأي القائل بأن الأديان هي مجرد أساطير وأكاذيب وأن جميع ما مذكور في الكتب المقدسة حول المعجزات والطوفان والأمم السابقة الخ .. هي مجرد خرافات لا أساس من الصحة لها . وبالمحصلة تعزيز وحماية النظام العالمي القائم على المادية والعلمانية والرأسمالية وضمان استمراره للحفاظ على نفوذ وثراء أقلية من البشر تتحكم بالعالم من خلف الستار .
لكن نظرية المؤامرة لا تحظى بقبول الجميع , هناك بالمقابل جهات علمية تحاول إعطاء تفسيرات مقنعة لكل التراث الشعبي والديني عن العمالقة , ومن هذه التفسيرات :
قديما كانوا يظنون بأن عظام الديناصورات تعود لعمالقة ..
1 – بالنسبة لحديث الناس حول العثور على بقايا وهياكل عظيمة تعود لعملاقة فأن المشكلة الرئيسية هي أن أغلب الناس ليس بإمكانه التفريق ما بين العظام البشرية والحيوانية , فقد يعثر أحدهم على عظم فخذ ضخم جدا مما يدفعه للاعتقاد بأنه يعود لعملاق في حين أنه مجرد فخذ بقرة ! , حتى المنقبين والباحثين الأكاديميين قد يقعون في هذا الخطأ , ولهذا يتم إرسال عينة من العظم إلى المختبر للتأكد من كونها بشرية .
من جهة أخرى فأن الناس في العصور القديمة كانوا يعثرون على عظام ضخمة لديناصورات وماموث , ولأنهم في ذلك الزمان لم يكونوا يعرفون شيئا عن هذه الحيوانات المنقرضة , لذلك كانوا يعتقدون خطأ بأنها تعود لعمالقة من البشر .
هناك قبائل من الاقزام والعمالقة ..
2 – العمالقة كانوا موجودين حتما في العصر القديم كما هم موجودون في العصر الحديث , والمقصود بالعمالقة هنا هم البشر الذين يتراوح طولهم بين المترين والثلاثة , وهي حالات قد تحدث بسبب مشاكل في إفرازات الغدد المتحكمة بنمو الجسم . وقد يحدث أحيانا عند نبش المقابر القديمة أو الكهوف المهجورة أن يتم العثور على بقايا عظمية لهؤلاء البشر طوال القامة فيظن الناس أنها تعود لجنس من العمالقة عاش على الأرض في الماضي السحيق .  
طول القامة أو قصرها يمكن أيضا أن يكون وراثيا , فهناك قبائل كاملة من الأقزام تعيش في أفريقيا وآسيا وغابات الأمازون . وهناك أيضا قبائل تتصف بطول القامة , في أمريكا مثلا تسببت قبيلة الكارانكاوا بالصدمة للمستكشفين الأوربيين لأن رجال هذه القبيلة كانوا يتسمون بقامة فارعة تتجاوز المترين , كانوا مقاتلين أشداء , وأكلة لحوم البشر , وكان طول القامة متوارثا فيهم . بناء على ذلك فمن المؤكد أنه خلال التاريخ كان هناك بشر قصار جدا بحيث يطلق عليهم أقزام وبشر طوال جدا بحيث يطلق عليهم عمالقة , وهؤلاء العمالقة كانوا بقامة تتراوح بين المترين والثلاثة , أما أطول من ذلك , أي الزعم بوجود أشخاص بطول أربعة وخمسة وعشرة أمتار ... فيبدو أقرب للخيال منه إلى الحقيقة , ذلك أن أي شخص بقامة تتجاوز الثلاثة أمتار سيجد صعوبة كبيرة في المشي والتغلب على مشاكل الجاذبية , فالطول الفارع غالبا ما يكون رديفا لأمراض عديدة , وغالبا ما ينتهي بالشلل والموت المبكر .

عمالقة العصور الحديثة

إذا كنا قد افتتحنا هذا المقال بالحديث عن عمالقة العصور القديمة فالأفضل أن ننهيه بالتطرق إلى عمالقة العصور الحديثة , وبسبب العدد الكبير من العمالقة الذين ظهروا في العصر الحديث فسنكتفي بأخذ عينة صغيرة منهم تتضمن الأكثر طولا وشهرة .
العملاق اللطيف
روبرت وادلو .. العملاق اللطيف ..
في الأفلام وقصص الخيال غالبا ما يكون العملاق مثالا للؤم والعجرفة , لكن العملاق روبرت وادلو كان مثالا للطيبة والتواضع حتى أنهم أطلقوا عليه أسم "العملاق اللطيف" . روبرت ولد عام 1918 في مدينة ألتون بولاية إلينوي , الابن البكر لأبيه , كان طوله طبيعيا عند ولادته , لكن سرعان ما لاحظت عائلته بأنه ينمو بوتيرة متسارعة حتى أنه أصبح بطول مترا ووزن 20 كغم في سن 11 شهر وبدأ يمشي .
في الثامنة أصبح أطول من أبيه (1.82 متر) , وصار يتمتع بقوة هائلة بحيث أنه كان يرفع أبيه وهو جالس على كرسيه حاملا إياه من الطابق الأرضي إلى الطابق العلوي من منزلهم .
سرعان ما بدأ روبرت يسترعي انتباه الجميع , أينما ظهر كانت الأنظار تتوجه صوبه , ومع هذا فقد حاول أن يعيش حياة طبيعية فدرس وأجتهد وأكمل دراسته الثانوية ودخل الجامعة ليدرس القانون , وكانت له هوايات بسيطة مثل جمع الطوابع والمشاركة في مخيمات الكشافة . لكن استمرار النمو لدى روبرت تسبب له بالتدريج بمشاكل جمة وأجبره على التخلي عن أحلامه وآماله . كان قد أصبح بطول (2.54 متر) في سن السابعة عشر , وكانت هذا الطول له متطلبات خاصة من ملابس وأحذية وسرير وكرسي يلاءم حجمه , وكان بحاجة أيضا لدعائم حديدية لمساعدة رجليه على تحمل وزنه الثقيل .. ولأن هذه الأمور كانت تكلف أموالا طائلة لذلك بدأ في الظهور بإعلانات لشركات مقابل توفير تلك المتطلبات , فمثلا كان يظهر في إعلان لشركة أحذية مقابل أن يصنعوا له حذاء خاصا لقدمه الكبيرة جدا . ولاحقا بدأ روبرت يظهر في عروض السيرك والمهرجانات , وذهب في جولتين برفقة والده حول الولايات المتحدة , تجولا عبر المدن والبلدات , وكان أبيه قد رفع مقعد الراكب الأمامي في سيارته لكي يتيح لروبرت الجلوس براحة في المقعد الخلفي ويمد رجليه . ومما يثير الإعجاب هو أن روبرت خلال جميع تلك العروض والمهرجانات لم يتخلى أبدا عن أناقته وحسن هندامه .
صورة لوادلو في صباه .. وصورة لحذاءه العملاق ..
في العام 1939 أصبح روبرت أطول رجل في العالم رسميا . ومع استمرار نموه بدأ يواجه صعوبات كبيرة في المشي مما أضطره لاستعمال عصى .
أثناء ظهوره في احد المهرجانات عام 1940 تعرض روبرت لجرح في رجله بسبب تركيب خاطئ للدعامة الحديدية , ولسوء الحظ فقد تلوث الجرح وأدى إلى التهاب خطير , وقد حاول الأطباء إنقاذ روبرت عن طريق تبديل دمه , لكن حرارته استمرت بالارتفاع حتى وافته المنية أثناء نومه في 15 تموز / يوليو عام 1940 عن عمر يناهز 22 عاما .
تابوته العملاق وشاهد قبره ..
روبرت كان محبوبا من قبل الجميع , وقد ألهمت حياته القصيرة الكثيرين بسبب محاولاته الحثيثة على التكيف مع وضعه والعيش كإنسان عادي . عند وفاته قامت جميع المتاجر والدكاكين بإغلاق أبوابها في مدينة ألتون احتراما له , وحضر جنازته 40 ألف إنسان , وقد كان تابوته من الضخامة بحيث احتاج لقرابة عشرين شخص لرفعه . , وهناك اليوم تماثيل عديدة مبثوثة في أرجاء الولايات المتحدة تخليدا لذكراه .
طول روبرت بلغ قبيل موته (2.72 متر) ووزنه (199 كغم) . ومازال حتى يومنا هذا يحتفظ بالرقم العالمي القياسي كأطول رجل في العالم . جدير بالذكر أن النمو الغير طبيعي والمستمر لروبرت سببه خلل في إفرازات الغدة النخامية , وهذه الحالة يمكن معالجتها وإيقافها اليوم , لكن في العشرينات من القرن الماضي لم يكن لها علاج .
وادلو مع عائلته .. وكلهم قامتهم طبيعية ..
روبرت كان له شقيقتان وشقيقان وجميعهم كانوا بقامة عادية . أمه أيضا كانت سيدة قصيرة القامة وكان هو متعلق بها بشدة .
العملاق الروسي
فيدور ماخنوف .. العملاق الروسي ..
في إحدى قرى بيلاروسيا النائية ولد فيدور ماخنوف عام 1878 , وتوفيت أمه أثناء ولادته فعاش يتيما مع جديه فيما تزوج والده من امرأة أخرى .
في طفولته كان فيدور طفلا ذو قامة عادية , لكن في سن الثامنة بدأ ينمو بصورة غير طبيعية , وأصبح ينام طوال النهار لأيام عديدة . وعند بلوغه العاشرة أخذه والده الفلاح لكي يساعده في الزراعة , وكان الأب قد أنجب أطفالا آخرين وكلهم كانوا بقامة عادية .
في العاشرة أصبح طول فيدور مترين , كان عملاقا بعقل صبي صغير , أحب اللعب مع الأطفال وكان ذو روح طيبة , لكن صاحب الأرض التي يعمل فيها والده شاهده فأعجب بطوله وضخامته وطلب من والده أن يرسله ليعمل لديه , وكان علمه يتمثل في إبعاد الصخور التي تعيق عمل طاحونة مائية , كان عملا شاقا ترك أثرا سيئا على صحة فيدور لما تبقى من حياته بسبب برودة مياه النهر التي كان يجب أن يعمل فيها لساعات طويلة كل يوم .
في السادسة عشر بلغ طول فيدور (2.54) متر , فأضطر أبيه إلى رفع مستوى سقف كوخه , وطلب من حداد القرية أن يصنع سريرا خاصا لأبنه , وحين انتهى الحداد من صنع السرير كان فيدور قد تجاوز في طوله طول السرير .
الحدث الذي غير حياة فيدور تمثل في رؤيته من قبل صاحب سيرك ألماني , الرجل أصيب بالذهول لطول الفتى وضخامة جثته فعرض على والده أن يأخذه معه لكي يعمل في السيرك , ووافق الوالد الذي كان قد ضاق ذرعا بمصاريف ابنه بسبب متطلباته الخاصة .
كان يثير الدهشة بقامته الفارعة وجسده الضخم ..
صاحب السيرك الألماني اخذ فيدور إلى ألمانيا , وضع له معلمين خصوصيين ليعلموه القراءة والكتابة ووقع معه عقدا للعمل في السيرك مقابل راتب مجزي , ولمدة تسعة سنوات تنقل فيدور ما بين المهرجانات وعروض السيرك , كانت الفقرة التي يقدمها تثير حماس ودهشة الجمهور , وخلال سنين قليلة جمع ثروة لا بأس بها من علمه .
بعد انتهاء عقده مع السيرك عاد فيدور إلى موطنه , كان الآن شابا في منتصف العشرينات , وبقامة تناهز 2.70 متر . وحال عودته اشترى أرضا وشيد منزلا كبيرا يتلاءم مع احتياجاته كعملاق , ثم راح يبحث بلا هوادة عن عروس ترضى بالزواج من عملاق مثله , وبعد بحث طويل عثر على ضالته في معلمة تعمل في بلدة نائية , كانت عروسه طويلة القامة بالنسبة لامرأة لكنها مع ذلك كانت اقصر من عريسها بقرابة المتر , وقد أثمر زواجهما عن ابنة وثلاثة أولاد كلهم كانوا بقامة طبيعية .
كلما احتاج فيدور إلى المال كان يقوم بجولات في أنحاء الإمبراطورية الروسية , يستعرض قامته الفارعة في المهرجانات وعروض السيرك والحفلات الخاصة للنبلاء , وكانت قد بلغ الآن درجة من الشهرة بحيث راحت الصحف الروسية والأجنبية تكتب عنه , وكانوا قد أطلقوا عليه أسم "العملاق الروسي" , وبدأ يتلقى عروضا للقيام في جولات في أرجاء العالم , فزار انجلترا وألمانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وايطاليا والولايات المتحدة .
في ألمانيا تناول فيدور العشاء مع المستشار الألماني , وفي ايطاليا قابله البابا شخصيا وأهدى لأبنته صليبا من الذهب , وفي أمريكا قابله الرئيس روزفلت شخصيا .
سيارة خاصة لتنقله ..
ومن غرائب ما نشرته صحف تلك الأيام عن فيدور كانت التفاصيل المتعلقة بطعامه , فكل صباح يتكون فطوره من 20 بيضة وثمانية أرغفة كبيرة من الخبز ولترين من الشاي , أما وجبة الغداء فتتكون من 2.5 كغم من اللحم مع 1 كغم من البطاطا وثلاث لترات من الجعة , في حين تتكون وجبة العشاء من وعاء كبير من الفواكه مع 2.5 كغم من اللحم وثلاثة أرغفة كبيرة من الخبر ولترين من الشاي , وقبل أن يذهب إلى سريره لينام كان يتناول 15 بيضة مع رغيف خبز كبير ولتر واحد من الشاي أو الحليب .
كان يسافر بأستمرار ..
السفر الطويل والمستمر بدأ يؤثر بالتدريج على صحة فيدور , كان يعاني كثيرا من الجلوس الطويل في مقاعد وأسرة صغيرة داخل القطارات والسيارات والسفن والفنادق , وأثر ذلك على حركته فأصبح يعاني من صعوبة في المشي وراح يستعمل عصا للوقوف , وفي أواخر حياته أصيب بحالة نفسية حيث أصبح يشعر بالخوف على حياته , كانت العديد من المتاحف والمؤسسات العلمية قد اتصلت به وطلبت منه أن يتبرع بجسده إليها بعد موته , وقد أرعبه ذلك , وظن بأنه قد يتعرض للقتل .
في عام 1912 مات العملاق فيديور ماخنوف في سن الرابعة والثلاثين , السبب الرسمي لموته هو أصابته بالسل , لكن هناك إشاعات تزعم أنه تعرض للتسميم لغرض سرقة جسده أو من قبل عروض سيرك منافسة .
صورة له في باريس والناس تتطلع إليه بدهشة ..
عند موته كان فيدور قد بلغ طول 2.82 متر . أي أنه أطول من الأمريكي روبرت والدو بعشرة سنتمترات , لكن بسبب عدم توثيق طوله بصورة رسمية فقد أصبح لقب أطول رجل في العالم من نصيب والدو .

أطول الأحياء من الرجال والنساء ؟

التركي سلطان كوسين ..
حاليا فأن لقب أطول رجل في العالم هو من نصيب التركي سلطان كوسين بطول 2.51 متر . وهو مولود عام 1982 لعائلة بسيطة تتكون من الوالدين وأربعة أولاد وبنات كلهم بقامة عادية . في الحقيقة فأن كوسين يتشارك مع غيره من العمالقة في سبب طوله الفارع , وهو خلل في إفرازات الغدة النخامية , وهذا الخلل حدث لديه نتيجة أصابته بورم سرطاني . ومثل غيره من العمالقة فأن كوسين يعاني من صعوبة في المشي وعدم إحساسه بقدميه , وهو يستعمل عصا للوقوف .
الجيد في حالة سلطان هو أن الأطباء في كلية الطب بجامعة فيرجينيا بأمريكا نجحوا في إيقاف نموه وسيطروا على إفرازات غدته النخامية بعد عامين من العلاج . وقد تزوج سلطان مؤخرا من شابة سورية تدعى مروة ديبو وهي بطول 1.75 متر .
بالنسبة للنساء فهناك جدل حول من هي أطول امرأة في العالم حاليا , بحسب بعض المواقع فأن الصينية سن فانغ هي من تحمل اللقب بطول 2.21 متر . وبحسب مواقع أخرى فأن الهندية صديقه بروين هي حاملة اللقب بقامة يبلغ طولها 2.33 متر , أما أطول امرأة في العالم في فئة الشباب , بحسب موسوعة جينيس , فهي التركية رميسا جيلجي ذات السبعة عشر عاما . أما أطول امرأة على الإطلاق عاشت على الأرض في العصر الحديث فهي الصينية زنك جنليان بطول 2.48 متر , وهي للعلم المرأة الوحيدة التي حملت لقب أطول إنسان في العالم متفوقة بذلك على الرجال . ومثل غيرها من العمالقة فقد عانت كثيرا بسبب طولها ووزنها وماتت في سن مبكرة جدا .

ختاما ..

الهندية صديقة بروين .. بالكاد تستطيع المشي .. للأسف حياة العمالقة ليست سعيدة ..
بعد كتابتي لهذا المقال لم يعد أسم العملاق مرادفا للقوة والغرور في نظري , بل أصبح يستدر العطف والشفقة , فعلى ما يبدو , ومن خلال ما قرأت , فأن حياة أولئك العمالقة لم تكن سعيدة أبدا , كانت تضيق بهم الأماكن فلا يستطيعون نوما ولا جلوسا , وتضيق بهم أقدامهم فلا يستطيعون مشيا ولا وقوفا , وتضيق بهم قلوبهم فلا يجدون شريكا ولا حبيبا , وتضيق بهم أجسادهم فتطالهم الأمراض سريعا ويموتون مبكرا .. أظن أن الإنسان ليس بحاجة لطول القامة لكي يكون عملاقا , جميعنا نستطيع أن نغدو عمالقة , بأفعالنا وتصرفاتنا وأخلاقنا .. ولعمري فأن هناك من قصار القامة , من الزعماء والعلماء والأتقياء , من يطاول السحاب بهامته ويسمو فوق جميع العمالقة .

المصادر :

Giant - Wikipedia
Stonehenge: The Giants' Dance
Baalbek - A Colossal Enigma
The uncovering of the city of Troy was one of archaeology's great moments
Machu Picchu - National Geographic
Giants in the Old Testament
Forbidden history of ancient egypt: The Giant humans
Atlantis - Wikipedia
Giants and cyclopes
List of giants in mythology and folklore
Nephilim - Wikipedia
Goliath - Wikipedia
العماليق.. «تاريخ الجبابرة» لم يكتب له نهاية!
فصل: تفسير الآية رقم (70):|نداء الإيمان
صحراء الربع الخالي و لغز المدينة الضائعة تحت الرمال
Mada'in Saleh - Wikipedia
شخصيات خيالية في تراثنا الشعبي 
"Skeleton of Giant" Is Internet Photo Hoax
Have Archaeologists Found Skeletons of Biblical Giants in Greece?
Prehistoric Giants of France and Spain
Giant of Castelnau - Wikipedia
Lovelock Cave - Wikipedia
Si-Te-Cah - Wikipedia
Lovelock Cave Artifacts - Humboldt museum
Has the smithsonian hidden evidence of ancient giants on earth
A giant conspiracy
Pygmy peoples - Wikipedia
Karankawa people - Wikipedia
Robert Pershing Wadlow
Robert Wadlow - 8 feet 11.1 inches (272cm)
Fyodor Makhnov the tallest person on Earth
Feodor Machnow - Wikipedia
List of tallest people - Wikipedia
Sultan Kösen - Wikipedia
صور: زواج أطول رجل في العالم
بالصور : «رميسا جيلجي» تركية تدخل موسوعة جينيس كأطول فتاة في العالم
World's tallest woman Siddiqa Parveen

لغز الولد في الصندوق


لغز محير أثار الكثير من اللغط والجدل لأكثر من نصف قرن ..
في 25 فبراير من عام 1957 على حافة طريق منعزل في ضاحية فوكس جيس بمدينة فيلادلفيا – ولاية بنسلفانيا الأمريكية - عثر طالب جامعي على جثة لولد صغير مخبأة داخل صندوق كارتوني من الحجم الكبير , كان جسد الطفل عاريا وملفوفا ببطانية خفيفة ذات نقوش . وكان الصندوق الذي يضم الجثة مغلق بإحكام بحبل أحمر , ولاحقا علم المحققون بأن هذا الصندوق كان عبارة عن علبة لتغليف مهود الأطفال من محلات جي سي بني (J.C Penney ) . وتم تخمين عمر الطفل ما بين 4 إلى 6 سنوات .
الصندوق الكارتوني الذي كانت الجثة تقبع داخله ..
كان جسد الطفل جافا ونظيفا , و ذراعيه مطويتان إلى بطنه , و أظافره قصيرة و مقلمة بشكل جيد , وشعرة محلوق بطريقة خشنة وبدون إتقان , و قد وجدوا على جسده بقايا لشعر مما يعنى انه لم يمضى وقت طويل على حلاقته . وكانت هناك عدة كدمات في مناطق متفرقة من وجهه و جسده و هي حديثة العهد وقعت في آن واحد , لكن كان هناك أيضا أثار لكدمات قديمة باهتة على جسد الصبي مما يؤكد تعرضه لسوء المعاملة لفترة طويلة , وكان واضحا كذلك أنه يعاني من سوء التغذية والإهمال . وقد خمن الطبيب الشرعي بأنه تم قتل الصبي في حدود ثلاثة أيام إلى أسبوعين قبل اكتشاف جثته , أما سبب الموت فهو الضربات التي تلقاها على رأسه .

الطفل المجهول

صورة الطفل الذي عثر عليه داخل الصندوق .. انظر الكدمات على رأسه .. وجسده .. وخصوصا ساقه .. من الواضح انه تعرض للضرب لفترة طويلة ..
حتى الآن لم يكن هناك غموض كبير في القضية , ظن المحققون أنها قضية سهلة وأنه سيتم التعرف على الصبي وتحديد هويته حالما ينشرون صورته أو بمطابقة بصماته . ولكن سرعان ما خابت ظنونهم , إذ للأسف مضى وقت طويل على نشر صورة الصبي ولم يتعرف عليه احد , ولم يجدوا أي شيء يثبت هويته , حتى الصندوق الذي أحتوى على جثته كان يخلو من البصمات .
صورة معدلة نشرتها الشرطة عسى ان يتعرف عليه أحد ..
كانت قضية غريبة .. من أين أتى هذا الصبي .. هل نزل من السماء ! .. هل يعقل بأن لا أحد يعرفه في طول البلاد وعرضها ؟ ..
وسرعان ما جذبت القضية الأعلام , فتوجهت الأنظار إلى فيلادلفيا , وصار هناك هوس كبير لمعرفة هوية الطفل , فعلقوا صوره في جميع محطات البنزين عسى أن يتعرف إليه احد , وكذلك قاموا بتوزيع صوره مع إيصالات الكهرباء ... لكن ذلك كله كان بلا جدوى .

الدفن

دفنت جثة الصبي أولا في قبر عام مخصص للموتى مجهولي الهوية . ومع تطور العلم والتكنولوجيا تم نبش القبر واستخراج الجثة عام 1998 على أمل الحصول على الحمض النووي ومطابقته مع أرشيف الحكومة للتوصل إلى عائلة الصبي أو التعرف على بعض أقرباءه . لكن هذه المحاولة باءت بالفشل أيضا , فأعيد دفن الصبي مجددا , هذه المرة في مقبرة سيدربروك في فيلادلفيا وتم دفع تكاليف الدفن والقبر عن طريق التبرعات . وكان هناك إقبال كبير وتغطية واسعة من وسائل الإعلام أثناء مراسم الدفن و الجنازة .
صورة توضح نقل تابوت الطفل لدفنه .. وكذلك شاهد قبره ..
وقد كتب على شاهد القبر العبارة التالية : (طفل أمريكا المجهول) . وقد دأب زوار المقبرة على وضع الزهور عند شاهد القبر .

نظريات وفرضيات

رغم نشر الملصقات وتناول الجرائد لقضية الولد إلا ان احدا لم يتعرف عليه .. وإلى اليمين صورة مرسومة لشكله عندما كان حيا ..
كما هو الحال مع معظم جرائم القتل غير المحلولة فقد تم وضع العديد من النظريات في محاولة لفك لغز القضية والتعرف على هوية الطفل القتيل والقبض على قاتله . ومن أبرز هذه النظريات هي :

نظرية دار رعاية الأطفال

صورة لقناع الموت المأخوذ لوجه الصبي ..
في وقت اكتشاف جثة الصبي كان هناك موظف في مكتب الطبيب الشرعي يدعى ريمنجتون بريستو , هذا الرجل سعى وراء حل القضية بإصرار عجيب لما تبقى من عمره , أي حتى مماته عام 1993 , أنفق أمواله وأهدر وقته في محاولة الوصول إلى القاتل .
في عام 1960 , بعد ثلاث سنوات على اكتشاف الجثة , وفي محاولة يائسة للعثور على أي رأس خيط يقود لحل القضية بعد أن فشل المحققون في ذلك , استعان ريمنجتون بوسيطة روحانية من مدينة نيوجيرسي , هذه الوسيطة الروحية كانت تزعم أن بإمكانها حل الجرائم والألغاز فيما لو حصلت على قطعة معدنية من ساحة الجريمة , يعني مثلا زر أو مشبك أو ساعة الخ ..
ريمنجتون أستخرج مشبكين حديديين من الصندوق الكارتوني الذي كان يحتوي على جثة الطفل وذهب بهما إلى منزل الوسيطة الروحية , وكما في أفلام الرعب السينمائية فقد أمسكت الوسيطة بالمشبكين بيدها ثم أغلقت عينيها ودخلت في حالة من التأمل والخشوع الروحي , وبعد فترة فتحت عينيها وأخبرت ريمنجتون بأن عليه أن يبحث عن منزل كبير ذو درابزين خشبي وإلى جانبه يوجد كوخ خشبي مخصص للعب الأطفال ... هناك .. في ذلك المنزل سيجد مفتاح اللغز .
صورة المحقق الطبي ريمنجتون برستو ..
لأسابيع بحث ريمنغتون عن منزل يطابق المواصفات التي أعطتها الوسيطة الروحية حتى عثر أخيرا على دار لرعاية الأطفال يبعد 1.5 ميل عن المكان الذي عثر فيه على جثة الطفل وهو مطابق تماما للأوصاف .
كان المنزل يعود لرجل يدعى آرثر نيكلوتي , كان يعيش مع زوجته كاثرين وابنتها الشابة التي كانت ثمرة زواج سابق وتدعى آنا ماريا . كانت العائلة تستقبل من حين لآخر أطفالا لرعايتهم , هؤلاء الأطفال كانوا أما يتامى أو لقطاء ترسلهم الإدارة المحلية للمدينة أو الولاية إلى منازل متطوعين من أمثال السيد نيكلوتي من أجل العناية بهم مؤقتا لحين العثور على منزل دائم لهم , وغالبا كان هؤلاء الأطفال يبقون في عهدة السيد نيكلوتي لفترة قصيرة لا تتجاوز العدة أشهر , لكن أحيانا قد تطول المدة لعدة سنوات .
عند اكتشفت جثة الصبي عام 1957 كان هناك ثمانية أطفال , بنين وبنات , بعهدة العائلة .
لكي يتأكد أكثر من أنه عثر على ضالته عاد ريمنجتون إلى الوسيطة الروحية وأتى بها معه فيلادلفيا , تحديدا إلى المكان الذي تم العثور فيه على جثة الطفل , هناك أعطاها المشبكين الحديديين مجددا وطلب منها أن ترشده بنفسها إلى المكان الذي يكمن فيه حل اللغز , والعجيب أن الوسيطة قادت ريمنجتون مباشرة إلى منزل آرثر نيكلوتي لرعاية الأطفال .
وخلال مراقبته للمنزل لاحظ ريمنجتون وجود صندوق كارتوني مشابه تماما للصندوق الذي عثر داخله على جثة الصبي , وكذلك شاهد بطانية صغيرة معلقة على حبل الغسيل تشبه تماما تلك البطانية التي كانت جثة طفل الصندوق ملفوفة فيها .
صورة لدار الرعاية ..
وبحسب بعض الإشاعات التي كانت متداولة بين الجيران , فأن آنا مرايا كانت على علاقة مع عدة رجال وأنجبت أطفالا خارج أطار الزواج , ثلاثة منهم ولدوا ميتين , وواحد مات في سن الخامسة أثر تعرضه لصعقة كهربائية . هذا الأمر دفع ريمنجتون للاعتقاد بأن طفل الصندوق كان هو أيضا من أطفال آنا ماريا , وأنهم تستروا على موته لتجنب فضح الابنة وعلاقاتها الغير مشروعة وذلك بسبب نظرة الاحتقار الاجتماعية التي كانت سائدة آنذاك نحو الأمهات غير المتزوجات . وهناك أيضا شكوك في أن والد طفل الصندوق هو في الحقيقة السيد آرثر نيكلوتي نفسه , وأنه كان على علاقة غير شرعية مع ابنة زوجته . ومما يعزز هذه الشكوك هو أن السيد نيكلوتي تزوج من آنا ماريا بعد موت أمها , أي زوجته , عام 1980 . وهو أمر فيه بعض الغرابة , أي أن يتزوج الرجل ابنة زوجته .
في الحقيقة برغم جميع الشكوك والسنوات الطويلة التي أمضاها السيد ريمنجتون في ملاحقة عائلة نيكلوتي , ورغم أن محققي الشرطة زاروا العائلة واستجوبوهم عدة مرات , لكن لم يتم العثور أبدا على أي دليل ملموس يربط بين العائلة وجريمة قتل الطفل . وعليه فأن هذه النظرية ظلت غير مثبتة , وبقيت كذلك خصوصا بعد موت ريمنجتون نفسه عام 1993 , وموت آرثر نيكلوتي عام 1999 , أما الابنة آنا ماريا فقد وضعت في دار للمسنين .

نظرية السيدة (م)

سيدة مجهولة تقدمت بشهادتها حول القضية .. أطلقوا عليها اسم السيدة (م) ..
جهود البحث عن حل لغز الطفل في الصندوق لم تتوقف أبدا منذ اكتشاف الجثة وحتى يومنا هذا , وعلى مر السنين تشكلت مجموعات بحث كثيرة كانت مهتمة بحل القضية .
في عام 2002 اتصلت سيدة مجهولة الهوية , اصطلحوا عليه بأسم السيدة ميم (M ) , بإحدى هذه المجموعات المهتمة بحل القضية وأخبرتهم بأن أمها هي المسئولة عن موت الطفل في الصندوق .
السيدة (م) زعمت أن والديها , اللذان كانا يعيشان في فيلادلفيا آنذاك , اشتروا طفلا يدعى جونثان من والديه الأصليين في صيف 1954 , أشتروه كلعبة جنسية . السيدة (م) زعمت بأن أمها كانت سادية , وأنها هي نفسها كانت قد تعرضت للكثير من الأذى الجسدي والجنسي على يد أمها التي أشترت الطفل جونثان لكي تفرغ فيه رغباتها المجنونة , وقد تعرض الصبي طيلة سنتين إلى معامله قاسية ولأشد أنواع التعذيب الجسدي و الجنسي حيث تم حبسه في القبو واحتفظوا به سجينا داخل ثلاجة عاطلة ولم يسمحوا لأحد برؤيته حتى فارق الحياة مقتولا على إثر نوبة غضب من والدة السيدة (م) وذلك بسبب تقيأ الطفل في مغطس الحمام حينما كانت تغسله فقامت بضربه بعنف حتى فارق الحياة. ثم قامت بقص شعره الطويل لكي تصعب مهمة التعرف عليه وقامت بلف الجثة ببطانية .
في هذه البقعة تم اكتشاف الصندوق الذي بداخله جثة الصبي ..
الجزء المهم في شهادة السيدة (م) والذي أثار اهتمام الشرطة فعلا هو ذلك المتعلق بكيفية التخلص من الجثة , فالسيدة (م) زعمت بأنها ذهبت مع والدتها بالسيارة من أجل التخلص من الجثة , قالت بأنها كانت آنذاك بعمر عشرة سنوات , وأنهما توقفا بالسيارة على جانب الطريق في ضاحية فوكس جيس لرمي الجثة , لكن بينما كانا يهمان بإخراج جثة الطفل من صندوق السيارة توقف بالقرب منهما فجأة رجل على دراجة نارية وسألهما فيما إذا كانا بحاجة للمساعدة . السيدة (م) ووالدتها أدارا ظهرهما للرجل ولم يجيباه وحرصا على أن يخفيا لوحة السيارة بملابسهم , ظلا صامتين حتى تركهما الرجل وذهب في حال سبيله . حينها قامت أم السيدة (م) بإخراج جثة الطفل الملفوفة بالبطانية من السيارة ثم وضعتها في صندوق كارتوني وجدته مرميا بالقرب من المكان وأحكمت غلق الصندوق بخيط ثم ركبت سيارتها ورحلت مع أبنتها .
أن سبب اهتمام الشرطة بهذا الجزء من شهادة السيدة (م) هو أن رجلا تقدم بشهادة للشرطة عام 1957 زعم فيها بأنه كان مارا على دراجته النارية بالبقعة التي عثر فيها على الجثة لاحقا وهناك شاهد سيدة برفقتها أبنها متوقفان بالسيارة على جانب الطريق وقد فتحا صندوق السيارة الخلفي وأنهما تجاهلاه حينما عرض عليهما المساعدة .
زعمت أن أمها كانت سيدة سادية تستمتع بتعذيب الأطفال ..
لاحظ هنا بأن الرجل قال بأن السيدة كانت تقف عند السيارة مع أبنها وليس أبنتها , لكن السيدة (م) ذكرت لاحقا بأنها كانت طفلة طويلة القامة وأن الكثيرين كانوا يخطئون ويظنون بأنها صبي وليس بنت .
إذن هل كانت السيدة (م) تقول الحقيقة ؟ .. العديد من المحققين اعتقدوا ذلك ..
لكن المشكلة هي أن الشرطة عندما تواصلت شخصيا وعن كثب مع السيدة (م) وجدوا بأن لها تاريخا طويلا مع المشاكل العقلية , وتبين بأنها قضت فترات طويلة من عمرها داخل مصحات عقلية . كما أن الجيران الذين عرفوا عائلة السيدة (م) قالوا بأن ما قالته عبارة عن هراء , وأنهم كانوا على علاقة بالعائلة ودخلوا منزلهم مرارا ولم يلحظوا أبدا وجود طفل صغير كما أن تصرفات والدة السيدة (م) كانت فوق الشبهات .
وهكذا تم إهمال شهادة السيدة (م) .. بالرغم من أن البعض يعتقدون بأنها ربما كانت تقول الحقيقة , وأن مرضها العقلي والنفسي ربما كان نتيجة لما تعرضت له في طفولتها على يد والدتها , كما أن المجرمين الساديين من امثال والدة السيدة (م) بارعين جدا في أخفاء ميولهم والظهور أمام الناس بشكل محترم بعيد عن كل الشبهات .

نظرية الطفل غير الشرعي

هل كان طفلا لعائلة مهاجرة .. صورة أخرى للشارع الذي رميت فيه الجثة ..
واحدة من أقوى النظريات عن القضية تزعم بأن الطفل غير معروف لأنه ببساطة أما أن يكون أبنا لأحد المهاجرين غير الشرعيين , أو أن تكون ولادته نتيجة لعلاقة غير مقبولة اجتماعيا , مثل سفاح القربى , وفي كلا الحالتين فالمؤكد أن الطفل أخفي بعيدا عن الأنظار ولم يسجل في وثائق الحكومة ولم تؤخذ بصمته , وهذا يفسر عدم وجود أي معلومات عنه .
لاحظ عزيزي القارئ بأن الطريقة التي رميت بها جثة الطفل على قارعة الطريق , وبحسب بعض المحققين الذين درسوا القضية , تدل على أن من فعل ذلك هو – على الأغلب - امرأة وليس رجلا . فالطفل كان نظيفا , مما يدل على أنه تم غسله قبل مقتله بفترة قصيرة, وأظافره مقصوصة بعناية , وتم لفه ببطانية ووضع داخل صندوق كارتوني وأغلق الصندوق بواسطة حبل أحمر اللون , المرجح بأن أغلب الرجال ما كانوا ليكلفوا أنفسهم كل هذا العناء ويبذلوا كل هذه العناية في معاملة الجثة , كانوا سيضعون الجثة في كيس ويرمونها كيفما أتفق , أو حتى يتركونها هكذا وهي عارية على قارعة الطريق . أن طريقة معاملة الجثة تدل على أن القاتل كان يشعر بالندم والعطف تجاه الطفل , ربما كانت أما عزباء فقيرة لم تستطع رعاية الطفل فقتلته , ربما في ثورة غضب ويأس , أو ربما مات بصورة عرضية , ربما لم تقصد أمه قتله , لم تتوقع أن تكون ضرباتها قاتلة , وشعرت بالخوف من أن تبلغ الشرطة فقررت أن تتخلص من الجثة بنفسها . وربما يكون زوجها أو صديقها هو الذي قتله وليس هي .

التغطية الإعلامية

القبر الحالي للطفل .. تم نقل جثمانه إلى هنا عام 1998 ..
كما ذكرت سابقا فقد حازت قضية الطفل في الصندوق على الكثير من الاهتمام الإعلامي . وتم عرض لمحة عن القصة في المسلسل التلفزيوني (أكثر المطلوبين للعدالة في أمريكا) في 3 أكتوبر 1998 , كما تم التطرق إليها في عدة مسلسلات وبرامج أخرى مهتمة بالجرائم . وكذلك تم نشر عدة كتب عن القضية .. وهناك عدة مجموعات بحث على النت مازالت مهتمة بالقضية وتحاول حلها .. كما يسعى الأطباء للحصول على كمية كافية من الحمض النووي للطفل لمقارنتها من بيانات الحمض النووي الموجودة في سجلات الحكومة علهم يتوصلون إلى عائلة أو أقارب الطفل .
لكن رغم كل الجهود .. لقيت القضية لغزا استعصى على الجميع حله وفك رموزه حتى يومنا هذا ..
يا ترى ما هو السر الذي يقف خلف القضية ؟ .. ما رأيك أنت عزيزي القارئ ؟ ..
--------------------------------------
* تنقيح موقع كابوس

المصادر :